الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

سيادة النائب العام – طعنتنا بطعنك

في مقالي (حكمت المحكمة) تنبأت فيه – وأنا لست بمنجم-  إن الحكومة ستلجأ إلى إصدار إعفاءات عن المدانين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء, و أما الذين يحملون أوزار أرواح أزهقت و وجب عليهم القصاص فلربما سيكون هناك تخفيضات. و ذكرت بإن الأحكام الصادرة هي ورقة مساومة قوية في يد الحكومة تستعملها في سياق حل سياسي شامل للأزمة. وقلت أن السنة قد لا تعجبهم الإعفاءات و لكن سيقبلون بها من أجل عودة الإستقرار إلى البحرين. هذا ما قلته من 48 ساعة فقط و لم أتوقع أن أرى جميع الأحكام على الأطباء تشطب في جرة قلم.

بيان النائب العام الذي أعلن فيه الطعن في قرار "محكمة السلامة الوطنية" و الخاص بالكادر الطبي طعن كل مواطن شريف غيور على بلده في مقتل. تباينت الآراء بين الغضب و الغضب الشديد و وإختلفوا عن الأسباب و لكن إتفقوا على أن الحكومة قد رضخت للضغوطات الدولية.  حكومة البحرين لاتزال تضع نفسها في المأزق تلوا الأخر من غير ذي داع.

لنكن صادقين مع أنفسنا – قرار النائب العام -  و مع إنه لديه الصلاحية و التفويض القانوني إلا إنه ليس فرارا قانونيا و إنما فرار سيياسي بإمتياز.  لم يكن سيادة النائب العام ليعلن هكذا بيلن من غير أن يكون مدفوعا بل و مأمورا من أعلى أهرامات الدولة. أما الأسباب فقد أوضحناها و هي تتلخص بالضغوطات وخاصة الأمريكية على البحرين و لم تستطع البحرين الإفلات منها.

هذا البيان او القرار قد وضع البحرين في مأزق كبير. الآن سيتمكن كل محامي بإستخدام هذا القرار كسابقة قانونية و يطالب ببطلان الأحكام الصادرة بحق موكليه, بما فيها أحكام الإعدام التي صدرت. وهذه النقطة لم تكن لتمر على النائب العام مما يعني أن الدولة قد قررت ضمنا إلغاء جميع الأحكام الصادرة عن "محكمة السلامة الوطنية" و إعادة المحكامات أمام محاكم إعتيادية.  حسنا – الوفاق و من ورائها الذين رفضوا إجراءات "محكمة السلامة الوطنية" هم أنفسهم الذين رفضوا الإعتراف بإحكام المحاكم المدنية التي يطالبون بها اليوم. و لطالما أن هناك أحكام بالإدانة فلن يتوقفوا عن الطعن  في شرعية محاكم البحرين.

الآن لنفترض جدلا إنه تمت إعادة محاكمات الكادر الطبي و غيرهم, فما هي السيناريوهات المحتملة ؟ إن تمت تبرئة من كان مدانا فهذه مصيبة لمحكمة السلامة الوطنية و لسير كل الإجراءات التي تمت و مطعون في كل حكم صدر عنها, بل و مصيبة للحكومة التي كانت تصر على سلامة كل الإجراءات القانيونية. والأمر كذلك لو وجودوا مذنبين و لكن الأحكام جاءت أخف من نظيراتها في محاكم السلامة الوطنية. أما لو أتت الأحكام مطابقة للأحكام الأولى فهنا ستدعى المعارضة إنها كانت لعبة حكومية مكشوفة لإسكات الرأي العام العالمي, وهذه مصيبة أخرى للحكومة.

إذن الحكومة وضعت نفسها في موقف لا تحسد عليه, فلا هي أرضت السنة الذين يريددون أن يروا تطبيق القانون  ولاهي أرضت "المعارضة" التي هي تشكك في شرعية الحكومة أصلا. لربما أرضى هذا القرار سيد البيت الأبيض ولكنه بعيد كل البعد عنا و لا يحس "بطوق الكرامة" و لا "بالطوفان" ولا "بالبراكين" و غيرها من الكوارث الطبيعية و لكن سلمية!
إن الحكومة بهذا القرار قد فتحت على أنفسها أبواب عديدة فد لا تستطيع إغلاقها , وما إعادة المحاكمات إلا أول الأبواب وبداية لسلسلة من المطالبات يقابلها سلسلة من التنازلات و سلسلة أطول من الإحباطات في الشارع السني.

Dr. KNOW

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق