الأحد، 21 يوليو 2013

سيناريوهات البحرين


 
الوضع العربي برمته يتجه نحو التعقيد .. وأصبحت دراسة الفيزياء النووية وآثار الإنشطار النووي على سطح بلوتو بلغة الزولو أسهل من دراسة والتنبأ بمآل الحال العربي ولو كان هذا في إطار منظور قريب ..

البحرين ليست بمعزل عن هذا التعقيد .. بل البحرين تمثل إحدى ورقات اللعب على طاولة قمار الشرق الأوسط والتي يجلس عليها لاعبون دوليون وإقليميون.. قوانين اللعبة تتغير بصورة ديناميكية وسريعة ..

طلع علينا علي سلمان بفتوى تقول إن عبوات المولوتوف ليست من السلمية بشيء..!! وكإنه كان يعيش في سرداب على مدى ثلاثين شهرا .. لماذا هذه الصحوة المفاجئة..!؟ هل هي صحوة ضمير ..!؟ لا أعتقد .. إذا أعربنا لغويا علي سلمان فسنقول ضميره مستتر تقديره السفير الأمريكي ..!!

وألحق علي سلمان فتواه بإخرى لا تقل خطورة عن سابقتها.. وإعتبرها أصحابه زندقة تخرجه من ملة الثورة .. قال .. سد الشوارع عمل غير صائب ويعطل الناس ومصالحهم .. ما هذا يا علي ..!!؟؟ في أي كهف من كهوف التبت كنت تعيش ..!!؟؟

وقبل أن ننتقل .. قبل هذه الفتاوى بإيام ... في الأسبوع الماضي تحديدا إلتقى علي سلمان مع بعض أهالي فريج البنعلي في مآتم كريمي ..وهناك بدأ يغزل على الناعم – كما يقولون- وأعطى رسائل مبطنة إن "الثورة" قد لا تحقق مطالبها ويجب أن تستمر المطالبة بالإصلاح والحقوق .. وإن قبلنا بتخفيض السقف فليس جرما .. وفي إعتقادي إنه يهيأ لإتباعه الذين صدقوه وسلموه لحاهم إنه قد فشل ..

نأتي إلى الشارع .. العنف في إزدياد .. وربما أخذ دفعة معنوية من 30 يونيه المصرية .. وهذا قصر نظر ومراهقة ثورية .. بل وغباء .. لم يحقق العنف على مدار 30 شهرا أي شيء ولن يحقق .. فما كان منهم إلا أن يحاولوا التصعيد في العنف .. تفجير في الرفاع .. آخر في الجنبية .. وقبلهما تفجير في رجل أمن أودى بحياته ..

وبتقليد لحركة تمرد .. أعلن الشيعة عن حركة تمرد بنسختها البحرينية ... وهي حركة ماتت قبل أن تولد ..

وأخيرا ... كان هناك تصريح لعبداللهيان الإيراني يقول إن العنف في البحرين غير مقبول .. ويشدد على الحل السياسي .. وهذا كان أول تصريح من نوعه للإيرانيين ..

لماذا قال علي سلمان ما قاله .. !!؟؟ عدة سينورياهات مطروحة .. أولها .. وهو أسهلها .. إنه ببساطة شديدة يستخدم التقية ... وإن المعارضة تتلقى ضغوطات كبيرة من الغرب لتواكب الحل السياسي .. فإضطر أن يسوغ السلمية وخاصة إن أحدا لم يشتري وثيقة اللاعنف ..

الثاني .. أن هناك حلا سياسيا قد تم التوصل إليه أو في مراحله النهائية خارج أسوار الحوار المعلن .. وربما الإجازة المطولة هي فرصة للمتحاورين الجادين من أجل العمل على نحت إتفاق بعيدا عن الأعين .. ربما ..

الثالث .. أن التصعيد في الشارع قابله تصعيدا مضادا من الحكومة لم يكن متوقعا وحان الوقت للوفاق أن تخفف من حدتها بعد أن كشرت الحكومة عن أنيابها .. وجاء الرد الحكومي بما لا يحمل التأويل إن  علي سلمان وقاسم ليسا فوق القانون .. وإعتبرتهما من المحرضين .. وهذا ما جعل سلمان يقول ما قاله ليبعد شبهة التحريض .. وعند المسائلة القانونية سيقول أو لم تروا فتواي في اليوم والمكان الفلاني ..!!؟

الرابع .. وهذا نوعا ما معقد ويأخذنا إلى طاولة البوكر .. دول الخليج أيدت "الإنقلاب" في مصر .. وباركته .. وساعدت فيه .. ذلك بعد أن وافقت أمريكا على عزل مرسي .. ربما دعوته للجهاد في سوريا كانت أحد الأسباب .. "الإنقلاب" أتى بحكومة تطالب بحل سياسي في سوريا .. هذا بالإضافة إلى إعادة تقييم للعلاقات .. وهو بما معناه إعادة العلاقات الدبلوماسية .. هذا واكبه مطالبه خليجية بحل سياسي في سوريا بعد أن كانوا يطالبون برحيل الأسد ... وتم التكتيم على ترحيل لبنانيين مرتبطين بحزب الله بإسرع ما تم الإعلان عنه ..

أوروبا والولايات المتحدة وبعد أن أعلنوا عن خطط لإرسال أسلحة نوعية للجيش الحر .. عادوا وأعلنوا عن إلغائها .. والآن يتجهون نحو الحل السياسي .. أحد الأوراق التي رمتها إيران هي ورقة دعم "ثورة" البحرين ..  والإتجاه إلى حل سياسي أيضا .. وهنا يبرز أهمية تصريح عبداللهيان .. وفجأة وجدت المعارضة الشيعية نفسها تدور في فلك وحيدة .. وخاصة بعد أن زادت حدة الإنتقادات الغربية لها .. هذا في العلن .. أما في الغرف المغلقة فإن الدول الغربية بما فيها أمريكا أعلمت الوفاق إنها لم تعد تعطيها الغطاء الذي تحتاجه لإستمراريتها .. وعليها اللجوء إلى الحل السياسي بجدية وترك المهاترات في الحوار ..

أحلا هذه السينوريوهات وغيرها مر للوفاق .. فهي التي رفعت سقف مطالبها ووعودها لإتباعها حتى بلغ عنان السماء .. والآن عليها أن تعيدهم إلى الأرض بسلام .. مهمة الوفاق الآن حفظ ماء الوجه .. والمحاولة أن تقدم ولو الشيء اليسير لإتباعها .. وتبقى "وثيقة المنامة" حبر على ورق .. وهنا مربط الفرس ..

لن تحصل الوفاق على أي شيء جوهري سواء مما سبق أو حتى من الحوار المعلن .. وربما تكون غاية الوفاق أن تعود الأمور كما كانت في 13 فبراير 2011 .. الخسارة لهم كانت فادحة ... هذا إن علمنا إنها لم تحقق أدنى مطلب من مطالبها .. بل إن خسارة الشيعة ككل كانت كارثية ..

الوفاق هي الخاسر الأكبر .. الكثير من الشيعة يرون إن الوفاق قد باعتهم .. وهذا ما حصل .. والإنشقاقات كبيرة .. ولولا الإحترام الذي يكنه الشيعة لقاسم الداعم الأكبر لها لرأينا إنشقاقات أعظم .. الوفاق أصبحت لاتسيطر على الشارع .. وربما يعيد التاريخ نفسه ..كما ضرب علي سلمان بالبيض في سترة سيحدث ثانية .. ولكن هذه المرة ربما بالمولوتوف ... ولكن الأكيد إن كل هذه تبقى سيناريوهات ...

 

DR KNOW

الجمعة، 5 يوليو 2013

حسن ومرقص وكوهين


أقسم بالله العظيم إنني لست إخوانجيا ! ولم أكن في يوم, ولن أكون...والله العظيم بريء يا بيه..

رأيت أن أبدأ بالقسم قبل أن أتهم بالإخوانجية, وهذه تهمة توزع هذه الأيام مثل كعك العيد (مثل مصري بما إن الكلام اليوم عن مصر) ..ويا ويل المتهم بها – أمه داعية عليه - أصبح منبوذا بين العربان عليه من اللعنات ما عليه, إستباح السبعة وذمتها والعياذ بالله .. المقصود بالسبعة هم السبع الموبقات جنبنا إياها الله وإياكم ..

وسقط حكم الإخوان في مصر الذي إستمر 345 يوما .. ولم يعطوا مرسي فرصة الإحتفال وإطفاء شمعة على جاتوه من مخبز المن والسلوى في السيدة نفسية .. إنتظر العسكر والبرادعي وشيخ الأزهر والبابا والماما وحزب إطفي النور وإنت خارج وغيرهم, إنتظروا مغيب الشمس ليتناوبوا على إغتصاب الديموقراطية ويخرجوا ويعلنوا فعلتهم صراحة وعلى الملاء ثم يدعون إن الديموقراطية طلبت منهم ذلك ..

أقسم بالله العظيم إنني لست إخوانجيا ولا من أنصار السيد مرسي ..

في خطاب مرسي قبل الأخير أعاد ترديد كلمة (شرعية) حوالي 75 مرة... كإنه يريد أن يقول إن هذا هو مربط الفرس .. وأنا نوعا ما أتوافق معه ولكن الموضوع أكبر من ذلك ..

منذ الساعة الأولى لتولي فترة رئاسته التي يفترض أن تمتد 4 سنوات وؤدت .. منذ هذه الساعة إلتم معارضوه وأقسموا على أن يزيحوه عن منصبه .. وهذه حقيقة .. قبلها بإيام كان حمدين وموسى وبقية الشلة يقدحون بعضهم بعضا بشتى أنواع القذف والشتائم ولكن وصول مرسي إلى الرئاسة جعلهم ينبذون خلافاتهم وتوحدوا وكانوا يدا واحدا ولسانا واحدا .. جميل حقيقة أن نعلم أن العرب بمقدرهم التوحد إن أرادوا .. أو لربما أرادوا الوحدة ولم يدركوا إلا مرض التوحد .. لإن بعضهم كان يهذي أحيانا ..

على أي .. وضعوا لمرسي عراقيل ومؤامرات عجزت شجر الدر أن يتفتق ذهنها بها .. الرجل كان يحكم أو يحاول أن يحكم ولكن على فشوش .. حاول إستدراجهم لتأليف حكومة وحدة وطنية والكل رفض .. عرض رئاسة الوزارة على البرادعي وغيره ورفضوا .. حاول أن ينظف القضاء فإزداد وسخا .. حاول البرلمان فأغلقوه .. حاول الدستور فقاطعوه .. حاول الإصلاح فأوقفوه .. حاول الخارج فعيبوه .. كلما تكلم أهانوه .. قرض البنك الدولي ومصر بحاجة له قالوا وكيف لإخوانجي أن يأخذ قرضا ربويا .. إتجه إلى قطر فقالوا باع لهم الأهرامات وقناة السويس .. إسرائيل ضربت غزة قالوا خطة لتوطين الغزيين (يعني أهل غزة بالعربي الفصيح أوي) في سيناء .. فتح المعبر الذي كان مغلقا فعليا منذ تولي حماس السلطة فقالوا إخوان مع بعض ضد مصر .. وقال لهم تفضلوا إلى حوار وطني يا جماعة طنشوه .. فقط حاول أن يتكلم عن صفقة الغاز مع إسرائيل .. فا شحولوه (كلمة بحرينية تعني لعنوا سنسفيل اللي خلفوه) ..

أقسم بالله العظيم إنني لا أزل لست إخونجيا ولا أزال لست من أتباع الدكتور مرسي ..

ثم أرادوا محاربته بتأليب الشعب عليه .. إعتصام في التحرير وآخر .. ولكن لم يؤتي الثمار المرجوة .. فعمدوا إلى إوجاع الشعب وتجويعه .. الإقتصاد شبه منهار قصدا .. إذا وجدت الكهرباء أقام الأهالي (مولد) للتعبير عن فرحتهم بها .. أنابيب الغاز شحت من السوق وأصبحت تباع في السوق السوداء بعشرة أضعاف سعرها .. والمحروقات إختفت  بقدرة قادر.. وكلها كانت متوفرة لولا إن المؤامرة على مرسي كانت كبيرة ... أكبر منه ومن الإخوان ..

الطامة الكبرى .. إن مرسي كان يحكم بدون سلطة تنفيذية .. أي بدون شرطة وبدون جيش .. الجهتان اللتان تحملان السلاح كانتا تعملان ضده .. وتتأمران ضده مع بقية المتأمرين .. وكانت مجرد وقت فقط للحصول على ثغرة قانونية أو دستورية أو حتى منطقية يحلل لهم قلب نظام الحكم ... وهنا برزت حركة تمرد وحملة جمع التواقيع المليونية .. أتبعوها بإعتصام 30 يونية .. وكان ذلك كافيا للجيش أن يدعي وقوفه مع الشعب من أجل الحفاظ على الديموقراطية والحفاظ على الأرواح ..

أعطى العسكر رأيا قانونيا بإن الشعب هم أولئك المحتشدون في التحرير .. أما المحتشدون في رابعة العدوية فإنهم يمارسون حقهم الطبيعي في عمل جماعي لعجين الفلاحة ....

أقسم بالله العظيم إنني على قسمي لست إخوانجيا ولا أناصر مرسي باشا ..

وإنتهت ال 48 ساعة .. وتسمر الجميع أمام شاشات التلفاز ليشاهدوا التاريخ يكتب على الهواء مباشرة .. ويخرج السيسي وكإنه في جنازة وصرامة الوجه بداية عليه وعلى ضيوفه (الشرفاء) كما وصفهم البابا .. وكلها دقائق وتحولت الجنازة إلى حفلة زار لطرد الأرواح الإخوانجية الشريرة من جسد مصر .. وتنقسم الأمة .. ليس فقط مصر ولكن كل الأمة العربية .. وأصبح ناس مع .. وناس ضد .. والعاطفة جياشة .. وغيبت العقول ..

أسئل أحدهم .. لماذا أنت مبسوط لعزل مرسي .. فيرد لإنه إخوان .. فأضيف .. ومالعيب في الإخوان ..!؟ فيرد .. مممم  لإنهم إخوان يا أخي ... فأقول .. وماذا بالتحديد لا يعجبك في فكر الإخوان ... فيقلب عينية .. ممممممم ... كونهم إخوان وهذا ما لا يعجبني .. شكرا على الإيضاح يا باشمهندس .. نورت المحكمة ..

الليبراليون والمثقفون عندهم حجج أقوى من ذلك .. فهم يرفضون ما يسمى حكم المرشد, وخوفهم على تقنيين الحريات الشخصية والمدنية ورفضهم خلط الدين بالسياسة .. ويؤمنون بما لله لله وما لقيصر لقيصر .. إلى آخره .. وهذه مخاوف مبررة .. فمن منا يريد حكما كحكم ملالي إيران لاقدر الله !!؟؟ لا أحد .. نحن نثمن حرياتنا .. ولكن إحقاقا للحق ... عندما أسئل أحدهم .. ألا يزال شارع الهرم يعمل ..؟؟ هل أقفلت حانة أو مرقص ..؟؟ فترد علي إحدى الزميلات .. لا .. ولكن الحرية ليست فقط في حرية الفسوق .. ولكن أيضا في التعبير واللبس .. فمثلا أرفض أن أتحجب ... فقلت جميل .. كما إنني أرفض أن تتحجبي لإنك جميلة أولا وثانيا ليس لي عليك حكم شرعي .. بس بغض النظر .. أو في هذه الحالة لم أستطع غض النظر ..! هل فرض مرسي الحجاب ..!؟؟ قالت لا ولكن زوجته متحجبة .. ونحن لسنا ببعيد ..

فقلت إذا هذا خوف من إحتمالية .. وليس بخطر محدق .. فقالت صحيح ولكنه وارد .. فقلت ولكن المعتصمون في ميدان التحرير دائما يحاولون ويدفعون بالمحجبات أمام عدسات الفضائيات ليقولوا إن حتى المحجبات والمتدينات ضد مرسي .. فما يخيفهن ..!!؟؟ قالت .. نريد أن لا تكمم الأفواه .. فقلت يا سبحان الله .. العشرات من (التوك شوز) إنتشرت في القنوات المصرية يتكلمون بكل حرية .. والفضل لذلك لمرسي الذي جعل من باسم يوسف ولميس الحديدي وغيرهم مليونيرات .. تنحنحت ولم يعجبها الكلام ..

أقسم بالله العظيم إنني لست إخوانجيا ولست من أنصار مرسي ..

ماذا إذا .. حتى لا أتشعب كثيرا .. لإختصر .. ما حدث هو البداية وليس النهاية ... لست حزينا على مرسي بقدر ما أنا حزين على فشل التجربة الديموقراطية الأولى في العالم العربي.. حزين لإنني أرى مؤامرة محبكة محكمة .. تمت فيها تضحية مصر وشعبها ودستورها ومؤسساتها .. حزين لإن هناك من يؤمن بالديموقراطية ولكنه ينكرها على الآخرين .. يوم حزين عندما يرفض أناس التفكير في أي نفق مظلم يقودون البلاد والعباد ..

لا ضير في أن يكون هناك معارضة لمرسي أو أي نظام .. طالما أن المعارضة وطنية وشريفة.. لا بأس أن تكره مرسي والإخوان والأخوات وعيال العم بعد .. ولكن كرهك يجب أن لا يعميك عن الحق وعن الشرعية .. خذ حقوقك كاملة غير منقوصة ... ولكن بالطرق القانونية الشرعية الدستورية .. هذه هي الديموقراطية .. لقد نسوا إن الديموقراطية هي ثقافة قبل أن تكون تطبيقا .. والعرب عامة لم ينهلوا من هذه الثقافة .. لو إنهم فقط أضافوا إليها قليلا من الهيشك بيشك لكنا فطاحل فيها ..

أقول إن الجيش قد أخطأ بفداحة .. وإن شيخ الأزهر أخطأ .. والبابا أخطأ .. والبرادعي دائما على خطأ .. وأعتقد إن المصريين سيندمون .. والذين باركوا قد تسرعوا .. فقد باركوا الخراب والدمار واللاشرعية والفوضى والدم ..

صدقوني لا أبالي إن خرج مرسي .. أخرجوه .. ولكن بنفس الطريقة التي جاءت به .. عن طريق الصندوق ..

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر الليبراليين الذين يظنون أن الديموقراطية حكرا لهم وعليهم, والذين يظنون إنهم أوصياء عليها إلى يوم الدين .

 

 

DR. KNOW