نشرت موضوعي الثورات العربية و محاسبة الذات صباح الأحد 8-10 وكأني كنت أتوقع حدوث تطورات الماسبيرو في مصر و أحداث تونس. زميل عزيز قال مداعبا إني من أولياء الله الصالحين – جعلنا الله منهم. و أتمنى أن أقول أن لي من بعد النظر ما يجعلني من المحللين السياسين المخضرمين و لكني لست كذلك . الأمر أبسط و أوضح من ذلك بكثير .
علينا الإعتراف أن الثورات العربية وحتى هذه اللحظة قد فشلت في تحقيق الحد الأدنى من تطلعات الشعوب المتعطشة للحرية و الأمن. و سيمضي من الوقت الزمن الطويل قبل أن تستعيد بلدان الثورات عافيتها. جميع البلدان التي أبتليت بالثورات و خلافه أصبحت ضعيفة و مهلهلة وتعيش حالات من الفوضى وعدم الإستقرار.
فهذه مصر و بعد مرور 7 أشهر على سقوط مبارك لا تزال تعاني من الفوضى. أي شيء لا يعجب هذه الفئة أو تلك تأخذ إلى الشارع و تغلق الميادين. جميل أن تكون حرية التعبير بعد طول كبت مفتوحة للجميع و لكن ليس الجميل أن تكون الفوضى هي نتاج هذه الحرية. وللأسف رأينا سقوط أعدادا من القتلى و الجرحى من غير ذي داع. أمر محزن حقيقة.
وهذه تونس و بعد 8 أشهر من سقوط نظام بن علي لا تزال حالة الفوضى هي السمة الغالبة عليها. وقامت مجموعات تصف بالإسلامية تهاجم محطة تلفزة لإنها – أي المحطة – إستعملت حقها في التعبير عن رأيها فهاجموها. غريب هذا الأمر, كانوا يشتكون إن نظام بن علي كان يكمم الأفواه و ثاروا عليه فإذا هو ذهب فإذا المطالبين بحرية التعبير هم أول من يكمم الأفواه! فلم إذن نلوم بن علي و غيره من الحكام و نثور عليهم؟ أقلها كان في عهدهم أمن و أمان و سلطة قانون.
الأمريكان أتوا إلى العراق تحت عباءة الديموقراطية المزعومة, و سنين طويلة مرت ولا نجد أثر هذه الديموقراطية هناك, بل حالة من الفوضى العارمة الملطخة بدماء مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء. و إستبدل الأمريكيون نظاما إستبداديا بأخر أكثر أستبدادية و أكثر دموية. أقلها كان نظام صدام يمسك بالأمن و الأمان لكل مواطن و أقلها كان المواطن في حال إقتصادي أحسن بكثير مما هو عليه اليوم.
يا جماعة – العرب ليسوا على جاهزية لإستقبال الديموقراطية ولا يعرفون كيف يتعاملون معها ولا يعرفون ما هي أساسا ولا يستحقونها. وأنا هنا أتكلم عن الديموقراطية بمفهومها الغربي. بالعربي – هذا النوع من الديموقراطية لايصلح لمجتمعاتنا العربية التي تترسخ فيها قيم دينية و إجتماعية و قبلية و طائفية. الديموقراطية التي يحاول الغرب إطعامنا إياها قصرا
فشلت في حميع بلداننا من محيطه إلى خليجه وعلينا إيجاد مفهوم للديموقراطية يتناسب مع طبيعتنا.
الذي حصل – وهو ما يحاول الكثيرون إنكاره – إن هذه الثورات لبست صناعة وطنية خالصة و إنما هي مواد خام مستوردة من الخارج و جمعت في بلداننا و كتب عليها صنع هنا وصنع هناك,و حتى مكائن التصنيع من الخارج و نحن فقط قدمنا العمالة. و"الخارج" لم يتمم بعد مشروعه الإنتاجي , فلا يزال يتدخل في كل صغيرة و كبيرة في الإنتاج حتى يروق له المنتج.
نحن وبكل أسف فتحتنا أبواب بلداننا على مصراعيها للدول الغربية لتتدخل كيفما تشاء و حيثما تشاء. فبعد ن كان التدخل مقصورا على تدخلات مخابراتية في الظلام أصبحت الآن على مرأى و مسمع الناس و بدون أدنى إكتراث – لماذا ؟ لإننا سمحنا لهم بذلك.
يا ليت لو أن ثورات تونس و مصر وسوريا و اليمن و ليبيا كانت عن طريق إنقلابات عسكرية و جنبنا البلاد و العباد دمارا ما بعده دمار و ضعفا ما بعده ضعف . أصبحنا مرتعا للفتن الطائفية تفتتنا و تأكلنا و أصبحنا فريسة سهله حتى للكلاب.
أولا أنا معجب بالمدونة بشكل عام.. وأحييك على مقالاتك وتفكيرك..
ردحذفثانيا اسمحلي أن أقول لك أن معظم من يتكلم عن مصر، ليس لديه معلومات كافية عنها..